ما بعد إغتيال العاروري (٤)… الانتقال إلى التصفيات لتجاوز المأزق العسكري

زياد سامي عيتاني

بعد عملية إغتيال القيادي في “حماس” صالح العاروري، دخلت الحرب في قطاع غزة مرحلة أكثر عمقاً وإن كانت ساحتها هذه المرة خارج جغرافيا غزة، إذ شرعت إسرائيل في ترجمة خطتها التي رسمتها بشأن ملاحقة قادة “حماس” المنتشرين في دول المنطقة. وعملية الاغتيال أتت ترجمة لما أعلنه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في كانون الأول الماضي بأنه أصدر تعليمات الى قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية لاستهداف قادة “حماس” أينما كانوا، وكذلك بالتوازي أيضاً مع ما أكده رئيس جهاز الأمن الداخلي الاسرائيلي “الشاباك” رونين بار عن عزم إسرائيل على تصفية قادة “حماس” في كل مكان حول العالم.

وجاءت العملية بعد وقت قليل من جولة قام بها وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت في قطاع غزة، الثلاثاء، لتقويم أوضاع القوات الاسرائيلية هناك، وقال فيها: “الاحساس لدى البعض أننا في طريقنا لوقف القتال هو إحساس خاطئ، فمن دون إنتصار واضح لن نستطيع العيش في الشرق الأوسط”.

إذاً، إسرائيل إنتقلت إلى مرحلة جديدة من الحرب، أي تنفيذ عمليات إغتيال محددة داخل القطاع وخارجه، في إطار إستراتيجيتها العسكرية في قطاع غزة بالانتقال إلى عمليات وصفتها بـ “الدقيقة”! وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، فإن عملية إغتيال العاروري لن تكون الأخيرة، واصفة إياها بأنها ستكون ضمن سلسلة هجمات تنفذها إسرائيل ضد حركة “حماس”. وتمثل هذه العملية إشارة أخرى إلى تصميم الحكومة الاسرائيلية على مواصلة الهجوم على غزة من دون نهاية في الأفق، ومع وجود أسباب شخصية وسياسية لنتنياهو لمواصلة الهجوم، خصوصاً مع لامبالاة إسرائيل بتحذيرات الادارة الأميركية من عدم توسيع دائرة العدوان والحرب، اذ إن تنفيذها عملية الاغتيال، كانت من دون الرجوع الى الادارة الأميركية أو إعلامها. فإسرائيل مستمرة في توسيع الصراع لتغطية إخفاقاتها المتتالية في قطاع غزة، بعد ثلاثة أشهر على حرب إبادته، بحيث بات من الواضح أنها إنتقلت إلى خطة الاغتيالات لتغطية عجزها عن تحقيق أي من أهدافها المعلنة.

في ضوء التطورات الكبيرة التي تشهدها المنطقة، من إستهداف القادة الايرانيين في سوريا وقادة “حماس” و”حزب الله” في لبنان، وتأثيرها في توسع نطاق الاشتباكات، فإن ذلك دليل على التوجه لدى نتنياهو الى أن تتسع رقعة الصراع، من خلال جولة جديدة تمس أطرافاً أخرى خلافاً للفصائل الفلسطينية المسلحة، في حين أن ذلك لا يتماشى مع المصلحة الأميركية المرتبطة بتعزيز الاستقرار الاقليمي في المنطقة. وهذا ما أكدته صحيفة “هآرتس” الاسرائيلية بأن “الجيش الاسرائيلي والمستوى السياسي يبدو أنهما قد انتقلا (مع اغتيال صالح العاروري في بيروت) إلى التركيز على المسّ بكبار حماس”، معتبرة أن “إنتقال إسرائيل إلى الاغتيالات هو تعبير عن المأزق”.

المؤكد أن إسرائيل تعطي أولوية منخفضة للمفاوضات التي يقال إن العاروري كان يلعب فيها دوراً رئيساً من أجل إطلاق سراح متبادل آخر للمعتقلين، وذلك تزامناً مع تأخر التفاوض بين الجانب الاسرائيلي و”حماس”، ومواجهة الجهود العربية والاقليمية بقيادة مصر وقطر، التي باتت تواجه صعوبات كبيرة. فهل سيتمكن نتنياهو عبر إدخال الاغتيالات الى خططه العسكرية في دول “المحور”، لإنقاذ مسيرته السياسية من إستدراجها إلى حرب المحاور؟

إقرأ ايضاً:

  1. ما بعد اغتيال العاروري (١)… غموض موقف نصر الله يربك الداخل الاسرائيلي
  2. ما بعد اغتيال العاروري (٢)… انسحاب حاملة الطائرات “فورد” لمنع توسع الحرب
  3. ما بعد إغتيال العاروري (٣)… خشية أميركية من بدء نتنياهو حرباً على لبنان لانقاذ نفسه سياسياً
  4. ما بعد إغتيال العاروري (٤)… الانتقال إلى التصفيات لتجاوز المأزق العسكري
شارك المقال